في تلك الليلة امتزج صوت نحيبها بصوت الأمطار المتساقطة على سقف الحجرة الاسبستي ...تحسست ذلك الجرح الدامي في جبهتها فتعالى صوت شهقاتها المتتالية ...كانت تشعر بدمائها تشق طريقها في وجهها فتختلط بحبات العرق البارد وتختفي في قميصها الممزق.... دفنت وجهها بين كفيها.... اشتد نحيبها وغرقت في ذكرياتها ...... ماذا فعلت له كي يفعل ذلك ؟؟؟ هل أساءت ؟؟ هل أخطأت ؟؟ هل أزعجته يوما ؟؟ أو هل أرهقته بطلباتها كسائر النساء ؟؟............ لم تفعل !!!
منذ سنوات وهي تدفن أحزانها في قلبها....تحرق آهات الألم في صدرها .... تلجم لسان وتبتلع حروف كلماتها ....همومها لم تتجاوز حدود قلبها .... منذ سنوات وهي تفعل ....
جرت قدميها نحو تلك المرآة المتشققة .... نظرت الى نفسها تحسست جرحها مرة أخرى فكتمت آهة ألم كادت تتجاوز حدود شفتيها .....خيل اليها بأن وجهها أصبح يحاكي وجوه الموتى ....فأدارت عينيها نحو تلك الصورة التي تعلو السرير فتذكرت .....
شلال شعرها الأسود المنسدل ...ابتسامتها العذبة التي كانت تزين شفتيها منذ زمن ...بريق عينيها الذي لم يخب يوما ....تذكرت كل هذا وتذكرت أنه اختفى فعاودها النحيب مرة أخرى ....نظرت في أرجاء حجرتها حيث لا شيئ جديد ....خزانتها متهالكة منذ أن رأتها لأول مرة ...شقوق الجدران تزداد اتساعا يوما بعد يوم ....أشعة الشمس تتصارع كل صباح من أجل اقتحام النافذة الضيقة ...رائحة الرطوبة تعشش في أنفها منذ زمن ... قررت بأنه عليها أن تغادر ... لا بل يجب أن تغادر ... توجهت نحو خزانتها ...بدلت ثيابها ... جمعت ما تبقى وانتظرت .....(سأعلن التمرد ...سأشن حربا لا قبل له فيها ....سأتحول الى عاصفة ...الى اعصار ...سأفجر براكين غضبي لأحرقه بحممها ...سأصرخ في وجهه وأضع له حدا ....)
هكذا حدثت نفسها ...أرادت أن تعلو بكبريائها فوق غطرسته ... أن تخلع ثوب الذل والألم وأن تتحرر من سجنها ....أرادت أن تحتضن أشعة الشمس أن تستنشق هواءً نظيفا وأن تذوب مع حبات المطر ....أرادت أن تسافر مع الريح أن تفتح ذراعيها للكون وأن تحملها أمواج البحر الى حيث لا تدري ..........
خيم الصمت على المكان ...صمت شقّ سكونه طرقات على الباب ... طرقات تنبؤ بصاحبها ....طرقات اعتادت أن تسمعها منذ زمن ...جف حلقها وتسمرت قدماها بالأرض .... شلت يداها ...شعرت بأنها عاجزة عن الحراك ....ثم قررت .... فتحت الباب بيدين مرتجفتين فطالعها وجهه العبوس .... نظر اليها بازدراء وأشاح بوجهه ....ترنح في مشيته يميناً ويساراً .... ضج المكان بصوته وهو يردد كلمات لم تفهم منها شيئا ....خلع معطفه ونفض ما علق به من حبات المطر فتناثرت على وجهها وثيابها ... نظر اليها مرة أخرى وهو ما زال يترنح فرتجفت في مكانها ... لاحظ ذلك ....نفض ما تبقى من سُكْر رأسه واقترب منها ...شعرت بأنفاسه الكريهة على وجهها .... وكما قررت أرادت أن تثور فخانتها شجاعتها ذابت الكلمات على شفتيها ...اقترب أكثر ...سألها : ماذا هناك ؟؟ تلعثمت في كلامها ثم خرج صوتها أخيرا وكأنه قادم من أعماق بئر مظلمة :....طلقني .... نطقتها وشعرت بالشجاعة تدب في أوصالها ...شعرت بأن بريق التحدي يلمع في عينيها ....نظر اليها وكل غضب الدنيا في وجهه ...أمسك بشعرها وانهال عليها ضربا ... علا صراخها ودوى ... توسلت اليه بأن يطلقها بأن يعتقها ....ذكرته نالماضي ...قبلت يديه ... جثت على ركبتيها .... قبلت قدميه ....لم يأبه بتوسلاتها ولم يلق بالا لصراخها ....نظرت اليه من خلال دموعها ... دفعها أرضا فسقطت ..... سقطت وانطفأت نيران ثورتها ....
ثم انتهى كل شيء كما بدأ بالصمت ... صمت لم تخضع له حبال المطر المتساقطة على سقف الحجرة الاسبستي ....
منذ سنوات وهي تدفن أحزانها في قلبها....تحرق آهات الألم في صدرها .... تلجم لسان وتبتلع حروف كلماتها ....همومها لم تتجاوز حدود قلبها .... منذ سنوات وهي تفعل ....
جرت قدميها نحو تلك المرآة المتشققة .... نظرت الى نفسها تحسست جرحها مرة أخرى فكتمت آهة ألم كادت تتجاوز حدود شفتيها .....خيل اليها بأن وجهها أصبح يحاكي وجوه الموتى ....فأدارت عينيها نحو تلك الصورة التي تعلو السرير فتذكرت .....
شلال شعرها الأسود المنسدل ...ابتسامتها العذبة التي كانت تزين شفتيها منذ زمن ...بريق عينيها الذي لم يخب يوما ....تذكرت كل هذا وتذكرت أنه اختفى فعاودها النحيب مرة أخرى ....نظرت في أرجاء حجرتها حيث لا شيئ جديد ....خزانتها متهالكة منذ أن رأتها لأول مرة ...شقوق الجدران تزداد اتساعا يوما بعد يوم ....أشعة الشمس تتصارع كل صباح من أجل اقتحام النافذة الضيقة ...رائحة الرطوبة تعشش في أنفها منذ زمن ... قررت بأنه عليها أن تغادر ... لا بل يجب أن تغادر ... توجهت نحو خزانتها ...بدلت ثيابها ... جمعت ما تبقى وانتظرت .....(سأعلن التمرد ...سأشن حربا لا قبل له فيها ....سأتحول الى عاصفة ...الى اعصار ...سأفجر براكين غضبي لأحرقه بحممها ...سأصرخ في وجهه وأضع له حدا ....)
هكذا حدثت نفسها ...أرادت أن تعلو بكبريائها فوق غطرسته ... أن تخلع ثوب الذل والألم وأن تتحرر من سجنها ....أرادت أن تحتضن أشعة الشمس أن تستنشق هواءً نظيفا وأن تذوب مع حبات المطر ....أرادت أن تسافر مع الريح أن تفتح ذراعيها للكون وأن تحملها أمواج البحر الى حيث لا تدري ..........
خيم الصمت على المكان ...صمت شقّ سكونه طرقات على الباب ... طرقات تنبؤ بصاحبها ....طرقات اعتادت أن تسمعها منذ زمن ...جف حلقها وتسمرت قدماها بالأرض .... شلت يداها ...شعرت بأنها عاجزة عن الحراك ....ثم قررت .... فتحت الباب بيدين مرتجفتين فطالعها وجهه العبوس .... نظر اليها بازدراء وأشاح بوجهه ....ترنح في مشيته يميناً ويساراً .... ضج المكان بصوته وهو يردد كلمات لم تفهم منها شيئا ....خلع معطفه ونفض ما علق به من حبات المطر فتناثرت على وجهها وثيابها ... نظر اليها مرة أخرى وهو ما زال يترنح فرتجفت في مكانها ... لاحظ ذلك ....نفض ما تبقى من سُكْر رأسه واقترب منها ...شعرت بأنفاسه الكريهة على وجهها .... وكما قررت أرادت أن تثور فخانتها شجاعتها ذابت الكلمات على شفتيها ...اقترب أكثر ...سألها : ماذا هناك ؟؟ تلعثمت في كلامها ثم خرج صوتها أخيرا وكأنه قادم من أعماق بئر مظلمة :....طلقني .... نطقتها وشعرت بالشجاعة تدب في أوصالها ...شعرت بأن بريق التحدي يلمع في عينيها ....نظر اليها وكل غضب الدنيا في وجهه ...أمسك بشعرها وانهال عليها ضربا ... علا صراخها ودوى ... توسلت اليه بأن يطلقها بأن يعتقها ....ذكرته نالماضي ...قبلت يديه ... جثت على ركبتيها .... قبلت قدميه ....لم يأبه بتوسلاتها ولم يلق بالا لصراخها ....نظرت اليه من خلال دموعها ... دفعها أرضا فسقطت ..... سقطت وانطفأت نيران ثورتها ....
ثم انتهى كل شيء كما بدأ بالصمت ... صمت لم تخضع له حبال المطر المتساقطة على سقف الحجرة الاسبستي ....